القديسين بطرس وبولس:
________________________
اليوم الخامس من شهر أبيب تُعيد الكنيسة بعيد الرسل _ عيد استشهاد القديسين بطرس وبولس_ والكنيسة تُعيد لهم بطقس عظيم ومجيد ,حيث يسبق القداس الالهي قداس اللقان ويتم غسل الارجل ,لان كرازة الرسل الأطهار تمت على أساس تكريسهم بالمحبة بيد الرب يسوع نفسه الذي غسل أرجل تلاميذه
وبعد أن ذاقوا محبته العجيبة وتواضع قلبه الذي فاق كل البشر وكل المخلوقات علما بأنه هو خالق الكل ! ولكن تنازل بسر عجيب لايستطيع العقل احتوائه ووضع أساس للمحبة وتواضع القلب ,ثم سلمه لرسله الأطهار بصورة عملية عندما غسل ارجلهم واحد فواحد ,دون أن يُفرق بين من يحبه بصدق و من لايحبه ,الكل تذوق من سر حب يسوع وتواضعه حتى يهوذا الخائن تقدم يسوع وأنحني وغسل ارجله وهو عالم أنه بعد ساعات بسيطة سوف يُسلمه ويرفض محبته!
وعلى هذا الاساس من الحب وتواضع القلب بني يسوع كنيسته ,وأوصي تلاميذه أن يسلموا هذا السر بتمامه وكما فعل بهم لجميع الاجيال فقد اوصاهم قائلاُ:
أتفهمون ما قد صنعت بكم. , انتم تدعونني معلّما وسيّدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك. , فان كنت وانا السيد والمعلّم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض. , لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا. , الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله. , ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتمو يو 13 : 13 _ 17
وبالفعل أنتقل سر هذا الحب وتواضع القلب عبر الاجيال حتى وصل الينا الان والكنيسة تعيش هذا الطقس حتى هذا اليوم ,ومن استناربنور الروح القدس الساكن في قلبه ,يعلم جيدا أهمية سر غسل الارجل في الكنيسة ,بل من يرفض هذا السر في حياته يقطع نفسه من الحياة الابدية ,ومن لا يحيا هذا السر بقلبه وروحه ليس له نصيب مع المسيح :
قال له بطرس لن تغسل رجليّ ابدا.اجابه يسوع ان كنت لا اغسلك فليس لك معي نصيب يو 13 : 8
وهكذا تأسست الكنيسة والكرازة بالمسيح على أساس غسل ارجل بعضنا البعض بسر التنازل الى ما لانهاية كرامة فى محبة الملك المسيح .
والقديس بطرس الرسول هو صياد بسيط من بيت صيدا ,وكان أخاه أندراوس تلميذ للقديس يوحنا المعمدان ,وعندما نظر يوحنا المعمدان يسوع قال عنه :
هوذا حمل الله يو 1 : 26 فعندما سمع أندراوس شهادة يوحنا عن يسوع وأنه هو مسيا الذي ينتظره الجميع في الحال تركا يوحنا وتبعا يسوع ,:
فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان.فقالا ربي الذي تفسيره يا معلّم اين تمكث. , فقال لهما تعاليا وانظرا.فأتيا ونظرا اين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم يو 1 : 39
هذا وجد اولا اخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا.الذي تفسيره المسيح. , فجاء به الى يسوع.فنظر اليه يسوع وقال انت سمعان بن يونا.انت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس يو 1 : 42
وهكذا قدم أندراوس أخوه سمعان الى يسوع الذي غير أسمه الى بطرس وهذا سر وشفرة حب بينه وبين نفس القديس بطرس الرسول !
وبطرس الرسول شخصية صادقة جدا ورغم كل القوات التى صنعها الله به ,ولكن كان كثيرا ما يظهر به الضعف البشري مثل أى أنسان وهذا يُعزي النفوس الضعيفة !
ومن مواقف الضعف الشديد التى مربها القديس بطرس هي حادثة إنكار المسيح ,ولكن لانه كان محب ليسوع وصادق في حبه ,تجلي حب يسوع في قلبه وسند ضعفه ,وجعل يسوع يطلب عنه حتى لايفني إيمانه :
وقال الرب سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة., ولكني طلبت من اجلك لكي لا يفنى ايمانك.وانت متى رجعت ثبت اخوتك. لو 22 : 32
وظل القديس بطرس يتقدم بين القوة والضعف على مدار العمر كله ,فعندما يتمسك بنعمة الله وقوة الروح القدس وموهبة الروح في داخله ,تخرج منه قوة جبارة تبرهن على سكن الروح القدس في داخله .
حتى أن ظله كان يشفي الامراض :
أما بطرس وبولس الرسولان فكان ظل أحدهما يشفي الأمراض وكانت مناديل وعصائب الآخر تذهب الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة صلاة قسمة للرسل
ولكن عندما كان بطرس الرسول يضعف ويتنسي نعمة الروح الساكنة داخله ,ويلتفت الى ذاته يضعف جدا رغم كل القوات التى تمتع بها فحتي أخر محطة فى حياته عندما جزع من الاستشهاد ,ظناُ منه أنه هو بقوته الذى سوف يواجه الموت والاستشهاد .
ظهر له يسوع الذى يحبه من جديد ليضعه فى طقس الحب والنظر الى شخص الله وقوته التى يعمل به وليس ذاته ,فلقد نظر يسوع يحمل الصليب من جديد فسأله الى أين أنت ذاهب يارب ؟
فقال له أصُلب من جديد فعلم بطرس بضعفه وفورا سلم نفسه بمحبة كاملة وتسليم لقوة الله الكائنة في نفسه ليصلب ولكن منكس الرأس .
وأما بولس الرسول فهو النفس التى أعلنت أن قوة الله يمكن أن تحل على الانسان بلا حدود والى أعماق ليس لها نهاية !
هو الشخص الذى كانت قُدراته وطاقته عظيمة جدا ولكنها كانت تواجه فى مسار خطأ ,ولهذا ظهر له المسيح ليوجه طاقته الى مسارها الصحيح !
هو الذى أضطهد الطريق الذى سار فيه بعد ذلك حتى أبعد نقطة فيه ربما قليل جدا من أستطاع أن يُلاحقه ويقترب من هذه النقطه البعيدة جدا من الطريق!
كما كشفت حياة القديس العظيم بولس الرسول مقدار الحكمة والفهم الروحي الموهب لنا بالروح القدس ,وأن هذه الحكمة ليست من العالم وليست هي ببرهان العقل الفاني الذى لايستطيع أن يعرف الله ,ولكنها ببرهان الروح الفائق لكل معرفة عقلية :
وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الانسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة 1كو 2 : 4
التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلّمها حكمة انسانية بل بما يعلّمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات 1كو 2 : 13
كشفت حياة بولس الرسول أسرار الله في الانسان وعطية الله التى أصبحت في الانسان بطرق وأعماق عجيبة ,حتى أن الكثيرين قديماُ وحديثاُ ما زالوا يعثرون فيها ,ولا يفهمون أبعادها حتى الان :